جلال عادل
المساهمات : 130 تاريخ التسجيل : 21/08/2011
| موضوع: وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ الأربعاء سبتمبر 14, 2011 9:39 pm | |
| وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ
بسم الله الرحمن الرحيم
الحمد لله رب العالمين ، والصلاة والسلام على سيدنا محمد الصادق الوعد الأمين ، اللهم أخرجنا من ظلمات الجهل والوهم إلى أنوار المعرفة والعلم ، ومن وحول الشهوات إلى جنات القربات .
الرزق من عند الله:
الإنسان حريص حرص لا حدود له على حياته ، وعلى رزقه ، فلذلك هذا الرزق له قوانين ، هذا الرزق من عند الله .
﴿ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ ﴾ .( سورة النور ) .
قوانين الرزق:
ولكن لهذا الرزق قوانين ، من هذه القوانين :
1 – الاستقامة :
﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾ .( سورة الجن ) .
والماء رمز الرزق :﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾ . إذاً : الاستقامة أحد أسباب الرزق الوفير ، فمن أراد أن يزيد في رزقه فليستقم على أمر الله ، الآية الواضحة والعامة والرائعة هي قوله تعالى : ﴿ وَمَن يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَل لَّهُ مَخْرَجًا ﴾ .( سورة الطلاق ) .
﴿ يَتَّقِ اللَّهَ ﴾ ، أن يستقيموا على أمره ، فأيُّ إنسان أراد أن يكون في بحبوحة فليستقم على أمر الله استقامة ترضي الله عز وجل ، لا بحسب فهمك ، لكن بحسب حدود الاستقامة في الشرع ، وهناك أناس كثيرون يتوهمون أنهم مستقيمون ، وهم ليسوا كذلك ، فكلما ازددت علماً ازدادت معرفتك بالثغرات في استقامتك .
2 – الإيمان والتقوى : قانون آخر : ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ وَلَـكِن كَذَّبُواْ فَأَخَذْنَاهُم بِمَا كَانُواْ يَكْسِبُونَ ﴾ .( سورة الأعراف ) .
إذاً : الإيمان بالله ، والاستقامة على أمره أيضاً أحد أسباب الرزق الوفير ، وكل إنسان أودع الله فيه حب المال ، قال تعالى : ﴿ زُيِّنَ لِلنَّاسِ حُبُّ الشَّهَوَاتِ مِنَ النِّسَاء وَالْبَنِينَ وَالْقَنَاطِيرِ الْمُقَنطَرَةِ مِنَ الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ وَالْخَيْلِ الْمُسَوَّمَةِ وَالأَنْعَامِ وَالْحَرْثِ ذَلِكَ مَتَاعُ الْحَيَاةِ الدُّنْيَا ﴾ .( سورة آل عمران الآية : 14 ) .
كل شهوة لها قناة نظيفة تسري من خلالها : النقطة الدقيقة : أنه ما من شهوة أودعها الله بالإنسان إلا وجعل لها قناة نظيفة تسري خلالها ، فإذا أحب الإنسان المال بحسب فطرته فهذا الحب يمكن أن يروى بقناة نظيفة ، أحب المال فيعمل في عمل مشروع فيأتيه كسب وفير يتمتع به ، ويكشر الله عليه . لذلك هذه الشهوات التي أودعها الله فينا ما أودعها فينا إلا كي نرقى إلى رب الأرض والسماوات ، نرقى بها مرة صابرين ، ومرة شاكرين ، أية شهوة أودعها الله في الإنسان إذا ترك الجانب المحرم منها ، وأخذ الجانب الحلال يرقى مرتين ، يرقى بترك الجانب المحرم إلى الله صابراً ، ويرقى بأخذ الجانب الحلال شاكراً إلى الله عز وجل .
هل المال نعمة أم نقمة ؟ ما منا واحد على الإطلاق إلا ويتمنى الرزق الوفير ، والمال من نعم الله الكبرى ، ولكن لا بد من هذا التنويه : المال هل هو نعمة ؟ قلت قبل قليل : من نعم الله الكبرى ، الإجابة الدقيقة ليس : نعمة ، وليس نقمة ، ولكنه موقوف على طريقة كسبه وإنفاقه ، فإن اكتسب الإنسان المال من وجه مشروع ، وأنفقه في وجه مشروع فهو أكبر نعمة على الإطلاق ، إن المال قوام الحياة ، ولا بد من التنويه أن المال قوة كبيرة في الحياة ، لذلك يجب على كل مسلم أن يكون مكتفياً ، وإن أمكن أن يكون غنياً ، لماذا ؟ لأن خياراته في العمل الصالح تغدو كثيرة جداً ، ولأن علة وجودك في الأرض هو العمل الصالح ، ولأن الإنسان حينما يأتيه ملك الموت لا يندم إلا على تقصيره بالعمل الصالح ، كلما كنت قوياً أكثر كانت خياراتك في العمل الصالح أكثر .
المؤمن الغني له من طرق العمل الصالح ما ليس للمؤمن الفقير : الآن الإنسان الميسور يمكن أن يزوج شبابا ، أن يفتح بيوت ، أن يرعى أرامل ، أن يرعى أيتاما ، أن يوفر فرص عمل ، فالإنسان كلما كان أقوى كانت خياراته في الأعمال الصالحة أوسع . فلذلك ينبغي أن تكون قوياً من ناحية المال مثلاً ، لكن قد يكون طريق القوة المالية محفوفا بالمخاطر ، وفي بعض الأقوال اللطيفة : الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة . قد يأخذ إنسان أموال الناس ، ويغامر بها فيقع تحت ديون طائلة يسحق ، نقول لمثل هذا الإنسان : الاقتصاد في المعيشة خير من بعض التجارة ، أما إذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله فينبغي أن تكون غنياً إنسان لأن فرص عمل الصالح للأغنياء لا تعد ولا تحصى . والله أيها الإخوة ، لا يُغبط إلا غني مؤمن ، بإمكانه بماله أن يصل إلى أعلى درجات الجنة ، من هنا قال عليه الصلاة والسلام : (( لا حَسَدَ إِلاّ في اثْنَتَيْنِ : وَرَجُلٌ آتَاهُ الله القُرْآنَ فَهُوَ يَقُومُ بِهِ آنَاءَ اللّيْلِ وَآنَاءَ النّهَارِ رَجلٌ آتَاهُ الله مَالاً فَهُوَ يُنْفِقُ منهُ آنَاءَ اللّيْلِ وآنَاءَ النّهَارِ )) . [ متفق عليه ] . بالمال تملأ قلوب الناس فرحاً ، بالمال تطعم الجائعين ، تكسو العراة ، بالمال ترأب الصدع ، توفق بين الناس ، بالمال تزوج الشباب ، بالمال تسعى بتزويج الفتيات ، والأعمال الصالحة لا تعد ولا تحصى ، بل إن الطرائق إلى الخالق بعدد أنفاس الخلائق ، دقق في أن علة وجودك في الأرض العمل الصالح ، والعمل الصالح قد يحتاج إلى المال . لذلك هناك كلمة لصحابي جليل : << حبذا المال أصون به عرضي ، وأتقرب به إلى ربي >> ، هذا الصحابي الجليل رسم للمال هدفين واضحين ، أصون به عرضي ، أطعم أولادي ، أكسو زوجتي ، أملأ البيت فرحاً بتلبية ما يحتاجون ، والمال له وظيفة أخروية كبيرة جداً ، وأتقرب به إلى ربي ، بل إن المؤمن يسعده العطاء لا الأخذ ، فإذا كان طريق الغنى سالكاً وفق منهج الله فينبغي أن تكون غنياً ، لأن فرص العمل الصالح للغني لا تعد ولا تحصى ، أما إذا كان طريق الغنى سالكاً على حساب مبادئك ودينك فالفقر وسام شرف لك . إذاً أول قانون : ﴿ وَأَلَّوِ اسْتَقَامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْنَاهُم مَّاء غَدَقًا ﴾ . القانون الثاني : ﴿ وَلَوْ أَنَّ أَهْلَ الْقُرَى آمَنُواْ وَاتَّقَواْ لَفَتَحْنَا عَلَيْهِم بَرَكَاتٍ مِّنَ السَّمَاء وَالأَرْضِ ﴾ .
3 – الاستغفار : الآن : أحد أسباب وفرة الرزق الاستغفار قال تعالى :﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾ .( سورة نوح ) . فلذلك قال تعالى :﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾ .( سورة الأنفال الآية : 33 ) . مستحيل وألف ألف مستحيل أن تعذب أمة محمد عليه الصلاة والسلام وسنة النبي بعد وفاته قائمة في حياته . ﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَأَنتَ فِيهِمْ ﴾ ، أي سنتك مطبقة في حياتهم ، في كسب أموالهم ، في إنفاق أموالهم ، في أفراحهم ، في أتراحهم ، في حلهم ، في ترحالهم ، في كل شؤون حياتهم . الآن :﴿ وَمَا كَانَ اللّهُ مُعَذِّبَهُمْ وَهُمْ يَسْتَغْفِرُونَ ﴾ .( سورة الأنفال ) . أنت في بحبوحتين ، بحبوحة الاستغفار ، وبحبوحة تطبيق منهج رسول الله ، إذاً: ﴿ فَقُلْتُ اسْتَغْفِرُوا رَبَّكُمْ إِنَّهُ كَانَ غَفَّارًا * يُرْسِلِ السَّمَاء عَلَيْكُم مِّدْرَارًا * وَيُمْدِدْكُمْ بِأَمْوَالٍ وَبَنِينَ وَيَجْعَل لَّكُمْ جَنَّاتٍ وَيَجْعَل لَّكُمْ أَنْهَارًا ﴾ .
4 – الصلاة والذِّكر : الآن :﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ﴾ .( سورة طه الآية : 132 ) . استنبط العلماء من هذه الآية أن البيت الذي فيه صلوات تؤدى ، وأن المحل التجاري الذي يؤدي أفراده الصلوات الخمس ، والذي يقام فيه منهج الله ، الصلاة والذكر أحد أسباب جلب الرزق . ﴿ وَأْمُرْ أَهْلَكَ بِالصَّلَاةِ وَاصْطَبِرْ عَلَيْهَا لَا نَسْأَلُكَ رِزْقًا ﴾ . ﴿ نَّحْنُ نَرْزُقُكَ وَالْعَاقِبَةُ لِلتَّقْوَى ﴾ .( سورة طه ) .
التقتير الإلهي تقتير تأديب لا تقتير عجزٍ : أيّ تقنين إلهي هو تقنين تأديب لا تقنين عجز ، إن أي تقنين إلهي إنْ كان في الأمطار ، إن كان في الأرزاق ، إن كان في المحاصيل ، إن كان في النبات أي تقنين إلهي هو تقنين تأديب لا تقنين عجز ، لقول الله جل جلاله : ﴿ وَإِن مِّن شَيْءٍ إِلاَّ عِندَنَا خَزَائِنُهُ وَمَا نُنَزِّلُهُ إِلاَّ بِقَدَرٍ مَّعْلُومٍ ﴾ .( سورة الحجر ) . إذاً : أي تقنين تقنينُ تأديب لا تقنين عجز ، أما حينما يقنن الإنسان ففي الأعم الأغلب يقنن تقنين عجز ، أما إلهنا جل جلاله إذا قنن تقنينه تقنين تأديب .
الغنى والفقر بحكمة الله: لكن أحياناً لحكمة بالغة ، لأن الله يعلم ما يكون ، وما سيكون ، وما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، وقد قيل : علم ما كان ، وعلم ما يكون ، وعلم ما سيكون ، وعلم ما لم يكن لو كان كيف كان يكون ، لأن الله وحده يعلم ما الذي سيكون لو كنت غنياً ، وما الذي سيكون إن كنت فقيراً ، فلذلك هناك حكمة بالغةٌ من أن هذا الإنسان أراد الله له دخلاً محدوداً ، وهذا إنسان أراد له دخلاً غير محدود ، لأن من عبادي من لا يصلح له إلا الغنى ، فإذا أفقرته أفسدت عليه دينه ، وإن من عبادي من لا يصلح له إلا الفقر ، فإذا أغنيته أفسدت عليه دينه . إذاً : لأن الله يعلم ما سيكون فقد يختار لكل واحد منا رزقاً يعينه على أن يصل إلى دار السلام بسلام ، لذلك في بعض الأحاديث : (( فَكُلٌّ مُيَسَّرٌ لِمَا خُلِقَ لَهُ )) .[ أخرجه البخاري ومسلم عن عليّ رضي اللّه عنه ] . هو خُلق للجنة ، فإن كان الدخل المحدود يمكن أن يكون سبباً أقوى في بلوغ الجنة يجعل الله هذا الإنسان ذا دخل محدود .
هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا ... أما إذا كان الدخل غير المحدود سبب للتفلت والانغماس بالملذات ، ثم المعاصي والآثام يأتي هذا الحديث الذي أسميه قاصمة الظهر ، يقول عليه الصلاة والسلام وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ( بَادِرُوا بِالْأَعْمَالِ سَبْعًا هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ، أَوْ الدَّجَّالَ ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ، أَوْ السَّاعَةَ ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )) .[ أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة ] . عدّ النبي صلى الله عليه وسلم أحياناً من المصائب . ((هَلْ تَنْتَظِرُونَ إِلَّا فَقْرًا مُنْسِيًا ، أَوْ غِنًى مُطْغِيًا ، أَوْ مَرَضًا مُفْسِدًا ، أَوْ هَرَمًا مُفَنِّدًا ، أَوْ مَوْتًا مُجْهِزًا ، أَوْ الدَّجَّالَ ، فَشَرُّ غَائِبٍ يُنْتَظَرُ ، أَوْ السَّاعَةَ ، فَالسَّاعَةُ أَدْهَى وَأَمَرُّ )) . [ أخرجه الترمذي والحاكم عن أبي هريرة ] .
إذاً : لأن الله علم ما كان ، وما سيكون ، وما لم يكن لو كان كيف يكون يختار لعبده نوعاً من الرزق ، فالمؤمن الصادق يرضى عن الله . إن إنسانا كان يطوف حول الكعبة وهو يقول : " يا رب ، هل أنت راضٍ عني ، ورآه الإمام الشافعي قال : يا هذا ، هل أنت راضٍ عن الله حتى يرضى عنك ؟ قال : سبحان الله ! من أنت ؟ قال : أنا محمد بن إدريس ، قال : كيف أرضى عن الله وأنا أتمنى رضاه ؟ فقال له : إذا كان سرورك بالنقمة كسرورك بالنعمة فقد رضيت عن الله " . فالمؤمن الصادق يرضى عن الله ، ولو كان ذا دخل محدود . عَنْ صُهَيْبٍ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ( عَجَبًا لِأَمْرِ الْمُؤْمِنِ ، إِنَّ أَمْرَهُ كُلَّهُ خَيْرٌ ، وَلَيْسَ ذَاكَ لِأَحَدٍ إِلَّا لِلْمُؤْمِنِ ، إِنْ أَصَابَتْهُ سَرَّاءُ شَكَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ ، وَإِنْ أَصَابَتْهُ ضَرَّاءُ صَبَرَ فَكَانَ خَيْرًا لَهُ )) .[ مسلم ] إذاً : يجب أن تعلم علم اليقين أنك تدعو الله فيجب أن تستقيم ، وتؤمن ، وتتقي ، لكن أحياناً هناك حكمة بالغةٌ بالغة من الدخل الذي قدره الله لك . عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَمْرِو بْنِ الْعَاصِ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ قَالَ : (( قَدْ أَفْلَحَ مَنْ أَسْلَمَ وَرُزِقَ كَفَافًا ، وَقَنَّعَهُ اللَّهُ بِمَا آتَاهُ )) .[ مسلم ] لذلك : عَنْ سَلَمَةَ بْنِ عُبَيْدِ اللَّهِ بْنِ مِحْصَنٍ الْخَطْمِيِّ عَنْ أَبِيهِ قَالَ : قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَسَلَّمَ (( مَنْ أَصْبَحَ مِنْكُمْ آمِنًا فِي سِرْبِهِ ، مُعَافًى فِي جَسَدِهِ ، عِنْدَهُ قُوتُ يَوْمِهِ ، فَكَأَنَّمَا حِيزَتْ لَهُ الدُّنْيَا )) .[الترمذي] سأل ملِكٌ وزيره : مَن الملك ؟ قال له : أنت ، قال : " لا ، الملك رجل لا نعرفه ولا يعرفنا ، له بيت يؤويه ، وزوجة ترضيه ، ورزق يكفيه ، إنه عن إن عرفنا جهد في استرضائنا ، وإن عرفناه جهدنا في إحراجه " . لذلك قد يكون الكفاف وضعاً مثالياً للمؤمن ، الكفاف لا يعني أنك فقير ، ولا يعني أنك مترف ، لذلك قالوا : خذ من الدنيا ما شئت ، وخذ بقدرها هَمًّا ، ومن أخذ من الدنيا فوق ما يكفيه أخذ من حتفه وهو لا يشعر . لذلك أسباب الرزق أحياناً صلة الرحم ، أسباب الرزق أداء الصلوات ، أسباب الرزق الإيمان والاستقامة على أمر الله ، أسباب الرزق الإيمان والتقوى ، أسباب الرزق الاستغفار ، هذه كلها أسباب للرزق ، لكن أريد أن آبين لكم حقيقة :
لن تموت نفسٌ حتى تستكمل رزقها : هناك منطقة مشهورة بالتفاح ، لو دخلنا إلى البستان الرابع من بداية هذه المنطقة ، وتجولنا فيه ، ورأينا الشجرة الثامنة ، والغصن الثالث ، والتفاحة العاشرة ، هذه التفاحة لك ، من وقت أن خلقها الله هي لك ، وهذا معنى الرزق المقسوم ، أما وصولها إليك فباختيارك ، هذه التفاحة لك ، يمكن أن تصل إليك هدية ، يمكن أن تصل إليك ضيافة ، يمكن أن تصل إليك صدقة ، يمكن أن تصل إليك تسولاً ، يمكن أن تصل إليك سرقة ، يمكن أن تصل إليك شراءً ، الشراء طريقة ، والسرقة طريقة ، والتسول طريقة ، والصدقة طريقة ، لذلك هي لك ، ولكن طريقة وصولها إليك باختيارك ، من هنا ورد في الحديث الشريف وَاللّهُ يَرْزُقُ مَن يَشَاء بِغَيْرِ حِسَابٍ( إن روح القدس نفث في روعي أن نفسا لن تموت حتى تستكمل أجلها وتستوعب رزقها ، فاتقوا الله ، وأجملوا في الطلب ، واستجملوا مهنكم )) .[ أخرجه أبو نعيم في الحلية عن أبي أمامة ] . اختر حرفة شريفة ، لأن الرزق هو هو ، وما عند الله ما ينال بمعصية الله . (( من حاول أمرا بمعصية الله كان أبعد له مما رجا ، وأقرب مما يتقي )) .[ رواه أبو نعيم عن أنس رضي الله عنه ] .
هذه مبادئ متعلقة بالرزق ، الاستقامة ، العمل الصالح الإيمان ، التقوى ، الاستغفار ، صلة الرحم ، إقامة الصلوات ، هذه أسباب الرزق ، والرزق مقسوم بمعنى أن الله سبحانه وتعالى يسوق لك الرزق المناسب ، فليس في الإمكان أبدع مما كان ، والقاعدة اللطيفة في حكم ابن عطاء الله السكندري : " ربما أعطاك فمنعك ، وربما منعك فأعطاك ، وإذا كشف لك الحكمة في المنع عاد المنع عين العطاء " ، والمؤمن راضٍ عن الله يقول : يا رب ، احفظني وارزقني ، ارزقني طيباً واستعملني صالحاً .
والحمد لله رب العامين
للفائدة | |
|